الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة "جمهور" لعماد جمعة: متى يحوز الرقص المكانة التي يستحقها في مجتمعنا؟

نشر في  19 أفريل 2016  (15:24)

5 سلاحف تمشي الهوينا تماما كحال البلاد والعباد.. 5 سلاحف تائهة هائمة كحال من يريد أن يهدي شيئا من النور إلى هذه الأرض لكنه يعجز عن ذلك.. فوق ركح مسرح "مدار" بقرطاج، تهادت السلاحف في "جمهور" العمل الكوريغرافي الجديد لعماد جمعة لتجسد فكرة البطء التي يعرفها نسق تطور قطاع الرقص في تونس فضلا عن تهميشه. 

غير بعيد عن السلاحف "الممثلة"، ينطلق العرض برقصات فردية وثنائية قبل أن تفتك إحدى الراقصات الكلمة لتتلو بيانا نقل خيبة أهل الرقص من غياب مركز للكوريغرافيا (centre de chorégraphie)، ومن الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع في ظلّ اعتماد الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من 20 سنة سياسة التسويف والمماطلة. أي مجتمع نعيش فيه؟ أية حداثة بُلينا بها؟ وأي فن أنتجنا؟ يتساءل عماد جمعة بكثير من المرارة مستنجدا بعناصر ركحية كالرقص والديكور والاضواء وأخرى غير ركحية كالحشرجة المنسابة من المذياع القديم والمقتطف من الحوار الصحفي والصورة الجماعية بالأبيض والأسود.

عبر هذه الأساليب الفنية، تتوالى لوحات "جمهور"، بعضها يستعمل لغة مباشرتية كذاك المشهد الذي يرمي فيه عماد جمعة قطعا من الخبر لأحد الراقصين في إشارة لسياسة التجويع والتحطيم التي تنتهجها الدولة، والبعض الآخر يُعبر من خلال تموجات الجسد وتقنيات الرقص عن مشاعر الخيبة والوجيعة وخاصة الحنين. 

اثر ذلك، يأخذ العمل منحى مختلفا تماما إذ تنقلب الموازين ويجد المتفرج نفسه أمام عرض "عمدة شو" الذي جمع بين أنواع الرقص الإفريقية واللاتينية والعربية التي نفذّها الراقصون بإمتياز، وكأنّ بعماد جمعة يقول: "تريدون الفرجة؟ تريدون "الشو"؟ تريدون الانبهار؟ ها إني أهديكم اياه لكن لا تكونوا سخفاء، لا تنسوا أنّ ذلك لا يعدو أن يكون إلا مجرد عملية تجارية، عملية مخادعة (imposture de l'art) تذر الرماد على العيون لكنها لا تمت للفن بأية صلة"!

هكذا تنتهي المسرحية على وقع فرحة زائفة وتجارية، فكلنا أخفقنا في جعل التعبيرات الفنية -ومنها الرقص على سبيل المثال- تحتل المكانة التي تستحقها، كلنا أخفقنا في إعطاء الفنان الحجم الذي يليق به... في حين أنّ الفنان هو الذي يهدي الحلم، وهو الذي يفتح أبواب الخيال، وهو الذي يصوغ المواقف والأفكار فنيّا بما يسمح للإنسان بالأمل وبالتعلق بالحياة، فلماذا نتجاهله ولماذا نهمشه؟

الجذاذة الفنية للعمل:

-كوريغرافيا وسينوغرافيا: عماد جمعة

-الراقصون: مريم بوعجاجة- آمنة مولهي- آمال لعويني- مروان اروين- فتحي فارح- محمد شنيتي- عماد جمعة.

-موسيقى: فاروق صحابو

شيراز بن مراد